6 أبريل 2016

كل قصة لها كاتبها بداية كما النهاية

إذا رأيتُموني جالسة بمُفردي و قد بدأ البث في الانقطاع و لاحظتُم انني فقدت التواصل مع العالم الخارجي فلا تتخيّلوا أنني متعبة أو تتصوّروا أن هموم الدُنيا أنهكتني و سرقتني … أبدا !!! … فأنا لا أنسى من يُلهمُ مُخيّلتي و من يمنح قلمي مِدادا و يُحوّل أفكاري إلى كلمات … أنا حتى في حالة اللاّشعور أُفكّر كيف أكون مع هؤلاء , انني دائمة البحث عن وسائل لأجدهم و لأصل إليهم و أستغل أي قناة حوار لأتواصل معهم , أتعثّر أحيانا و أفشل احيانا اخرى لكنني لا أفقد الأمل أبدا , انهم في أغلبيتكم بالصورة التي هم عليها لا يُنسَون , إنهم حالة من التميّز لا تتكرّر , لا احد يسرق راحتي غيرهم و حتى عندما تُحاصرُني أعراض الزهايمر المتقدم و أبدأُ بنسيان من اكون , أتلذذ بالحالة الجديدة من السلام الروحي و أراهم بصورة أوضح … أنا إذا ظهرت عليّ هذه الاعراض من شرود و تأمل و زهايمر, فاطمئنوا و لكن لا ترتاحوا كثيرا , اطمئنوا لأنني في حوار خاص مع المارد الذي يسكُنني … فقط اترجاكم لا تقطعوا عليّ خُلوتي ولذلك قلتُ لا ترتاحوا  لأنكم إن فعلتُم ذلك , قد تستفزوا هذا المارد و تحرّكوه  و سيُوظّف هو كُل قدراته الإبداعية ويتحول إلى آلة دمار تأتي على الاخضر و اليابس , ستبدأ ملامحي الاليفة تُكشّر عن أنيابها و لا تستبعدوا أن يعبث اللاشعور عندي  بمواقعكم  ويُعيد ترتيبكم حسب ما أنتم عليه فعليّا لا ما أنتم عليه الآن… لعلّكم تتساءلون من هؤلاء الذين لا أنساهم و لا أستطيع المواصلة بدونهم؟ لعلّكم تتساءلون عمّن أتكلم؟…إنني أتكلم عن البشر الذين لم يكتفوا بنعمة العقل التي ميّزتهم على باقي الكائنات الحيّة و تجاوزوا كُل الفوارق الموجودة و أرادوا أن لا يكونوا أفضل من باقي الكائنات الحية فقط بل أفضل من البشر في حد ذاتهم و أعلنوا أنفسهم  النُخبة و أخيار البشر على حساب بشر مثلهم لا يختلفون عنهم في شيء , إنني أتكلم عن الذين نصبوا ذواتهم أسيادا على غيرهم و مُمثلين لهم , فقط لأنهم تخيّلوا أنهم ببعض السفسطات الصائبة أحيانا و العادية أحيانا أخرى أنهم أصبحوا مُختلفين و مُهمين  و ظنّوا-و خابت وظنونهم-  أن مواهبهم تستطيع أن تمنحهم التفوق و ترفعُهم فوق غيرهم, أنا لا أنتقد احد و لا أهين أحد…أنا فقط أّذكّر كل من أصابه الغرور و بدأ يشعر بالاختلاف و التميّز , أن كُل تلك الأحاسيس و تلك المكانة لم تأت منه وحده و لم تأت  من لا شيء أيضا إنما هي وليدة اهتمام و تقدير و التفاف غيره الذي يقرأ له و يحترم كلماته و يلتف حول افكاره و يحبُه….و يُصدقُه.  أريد أن أخبر كُل المُثقفين و المتميّزين بأقلامهم و كلماتهم أن ما هم عليه يأتيهم من أولئك الذين يُتابعونهم…أريد أن أخبر من هم في أعلى السُلم  و من تجاوزا السُلم قبلهم أنهم حتى و إن صعدوا و رموا خلفهم ذاك السُلم فإنهم إن لم يجدوا من يقرأ لهم و من يحترم قلمهم و من يُصدقهم و يُتابعهم , فلن يفعلوا شيئا حتى و إن بلغوا علوّ السماء و إن فاقوا بريق النجوم…
و عندما تزيد عندك الموهبة و تدفعك للكتابة و الإبداع فلا ترى نفسك شيئا مُختلفا بل تذكّر أن حتى تلك الموهبة حرّكها فيك غيرك إما إعجابا به أو أنتقادا له أو حُبا فيه…أو شيئ آخر لأنك لو إنعزلت عن الدُنيا فلن تكتب شيئا و حتى و إن كتبت فمن سيقرأ لك؟
و إن حدث و احبّك الناس و راقتهم كتاباتك و تابعوك, فهذا لا يعني أنك وصلت إلى القمة و لا يعني أنك ابتعدت عنهم و عن مُستواهم بأميال , هذا فقط يعني أنك بلغت عندهم بعد الله درجة من القبول و حظيت كلماتُك بشيء من الاستحسان و أنك بدأت أول درجة نحو الطريق الصحيح…أول خطوة و طريق النجاح طويل و الطامح للنجاح يعرف ذلك.
…قد تكتُب أشياء مميّزة فعلاً تستدعي تكريمك و قد تكتُب أشياء خارقة و لا يكترث لها أحد , و عندما يحدُث و تُكرم قد لا يكون التكريم بمُستوى ما قدّمت من أشياء راقية و قد يكون أكبر من كلماتك البسيطة لأنه في الحقيقة من الصعب تقدير احاسيس و أفكار شخص بالماديات مهما غلى ثمنُها… و قد يكتُب غيرك بمُستوى أقل و ببساطة اكثر و يصل إلى الناس اسرع و يبلغ عندهم مكانة أكبر و ينال تكريمات أهم و يسمع تشجيعات من عدد كبير من الناس و يتلقى دعم أكثر منك و كل هذا لا يُنقص لا منك و لا من قلمك و لا مما تُقدم , فالجوائز لا تصنع مُبدعين بقدر ما تفعل تزكية الناس و دعم الناس و احترام الناس , هي فقط قد تدفعك خطوة إلى الأمام و قد تصنع لك اسما بين كِبار الأسماء و قد تُدخلك محافل كُبرى و مُلتقيات مُهمة و تفتحُ لك أبواب الشُهرة… لكنها لا تصل بك إلى القمة إذا كان ما تُقدّمه لا يرتقي إليها و حتى و إن سهّلت لك الوصول إلى أكبر عدد من الناس و إختصرت بك المسافات و جابت بك العالم , فهي لن تصنع منك شيئا خالصا و حقيقيا إذا أنت لم تكُن كذلك…تأكد أيُها المُتطلع للتفوق في مجال الكتابة أن ما يصنع منك اسما و كلمة لا يكون بالضرورة تكريما و جائزة…فعديد الكُتاب في العالم حائزين على جوائز عالمية و كُتُبهم لا تعدو مُحاولات و تكرار و تقليد , لأن الجائزة يمنحُها بشر مُعيينين تحت اسم لجنة قد يتعرّضون للضغط و قد يستعملون أساليب غير مشروعة و قد يمنحونها للشخص الخطأ و قد ينحدر مستوى بعض البشر إلى شراء الجائزة و المُساومة على ما يكتبون و قد تحدّث اخطاء و مُشاحنات و تكون هُناك نِدِّيات و خلفيات و أشياء لا تمتُ بصلة للإبداع و لا للأدب و غالبا ما يحدُث ذلك أثناء التكريمات , لكن محبة الناس و مُتابعتُهم لا يصنعُها إلا أنت و لا يكون عدد قُرائك كبيرا إلا إذا كان وزن كلماتك كبيرا…فأنت تصنع نفسك و يكفيك شرفا أنك تكتب لكي يقرأ الناس و لكي تُمارس حقّك في الإبداع , و كُل كاتب يكتُب شيئا و هو يُفكر في الجائزة أو يكتُب لكي يتماشى مع الأحداث و لكي تكون كلماته بمعايير الجائزة هو كاتب فاشل حتى و إن حاز على نوبل للأدب.
فكّر في أن تكتُب شيئا تُغيّرُ به الناس نحو الاحسن و تغرسُ به جميلا في كُل نفس تمُر به , فكّر فقط في تطوير نفسك و موهبتك و اطلاق العنان لقدراتك و مهاراتك  و لا تتوقّف عند المُقابل و لا تُتاجر بأفكارك و لا تزِن نفسك بميزان الأشياء فأنت قبل أن تكون مشروع مُبدع , أنت بشر كرّمه الله بالعقل و تلك اكبر جائزة و عندما يمنحُك الله شيئا إضافيا كالقُدرة على الكتابة, فأنت بذلك إنسان محظوظ و عندما يزيدٌك الله من نِعَمِه و يزرع في قلوب الناس محبة لك و قبولا لديهم فأنت بذلك قد بلغت القمة و إن اكرمك و حازت موهبتُك على تشريف و شهادات و جوائز فذلك شيء جميل لكنه ليس أجمل ما حدث لأنك أنت…أنت فقط أجمل ما في كُل هذا. و التكريم يُنسى و الجائزة تفنى و أنت تموت و ما كتبت يبقى…فقط ما كتبت بصدق*
**  مـــــــــــــــــــــــــــريم ريــــــــــــــــــــــــــــــــماس**